سيدتي .....

سيدتي .....
سيدتي : فلنعلم أولادنا أن الانتماء للعقيدة يفوق أى انتماء آخر

بقلم : د . نجلاء القليوبي

سيدتي أصابتني الدهشة وأنا أستمع لحوار اذاعي يدور حول " هل الانتماء للوطن أم للعقيدة ؟!"ومبعث الدهشة في الحقيقة .. ما قاله البعض ممن يدعون التفقه في شئون الدين الاسلامي ..من أن الانتماء يجب أن يكون للأوطان التي نعيش فيها تحت حجة المعاهدة وبالتالي ينبغي للمسلمين أن يدافعوا عن هذه البلاد اذا تعرضت لأذى!! وهذا في الحقبقة ليس فهم خاطئ للدين .. ولكنه تعدى على الاسلام بما ليس فيه وتزوير وافتراء على السيرة النبوية .. ويدخل في هذا الاطار أيضا الفتوى سيئة السمعة التي أطلقها الشيخ القرضاوي ورفاقه .. والتي تحض المسلمين في الجيش الامريكي على قتال المسلمين في أفغانستان حتى لايخسروا دنياهم ( وظيفتهم ) حتى لو خسروا آخرتـهم !!

سيدتي أنا لاأدعي انني فقيهة .. ولكنني تعبة جدا من هؤلاء الفقهاء الذين يطوعون الأشياء وفق تصورات ضيقة ومصالح خاصة جدا .. فلماذا لايكون مرجعنا دائما القرآن والسنة نحتمي بـها من مثل هذه الفتاوي الجائرة .. وفي هذا الخصوص فالآيات واضحة جدا ولاتحتمل اللبس.. وسيرة رسول الله صلى الله عليه وسلم فيها الكثير والكثير الذي ينبغي لنا أن نعرفه جيدا حتى لانتوه في فتاوي المدعين والمنافقين .

لقد كانت هجرة الرسول صلى الله عليه وسلم من مكة الى المدينة لحماية الدعوة ونشرها وهربا من الفتنة في الدين .. رغم كل ماكانت تعنيه مكة له عليه السلام من أنـها الوطن والرزق والمال .. لقد كانت دعوته لله وهو يغادرها " اللهم انك تعلم أنـهم أخرجوني من أحب البلاد الى، فأسكني أحب البلاد اليك ".. لم تكن هجرة الرسول عليه السلام من مكة الى المدينة فرارا بنفسه .. بل كانت فرارا بدعوته بعد أن وقفت لها قريش بكل سبيل لتحول بينـها وبين الانتشار.

لقد مرت بالمسلمين في المدينة أوقاتا صعبة من الفقر والحاجة .. وأياما كانوا لايجدون فيها ما يسد الرمق من الطعام .. ولو لم تكن عقيدتـهم أقوى من أى شيئ آخر وأقوى من الوطن .. لخضعوا لكفار قريش وأمنوا شر الجوع والمرض .. وأطفئوا نور الاسلام والدعوة .. ولإستتب الأمر للكافرين .. لقد انتصرت قوة الانتماء للعقيدة على الانتماء للوطن .. وأكرم الله المهاجرين ونصرهم وأعزهم لقوة عقيدتـهم وايمانـهم بـها .. وطول صبرهم وصدق جهادهم في سبيلها .. رغم قلة عددهم وضعفهم وكثرة الكافرين وقوتـهم .

اذن فالعقيدة للرسول صلى الله عليه وسلم ولأصحابه كانت هي الحاكمة لحياتـهم وينبغي أن يكون لنا في ذلك أسوة نتعلم منـها أن نعتز بعقيدتنا ونحرص عليها وندرك أنـها قوام وجودنا وانسانيتنا .

واذا كانت قوى الغرب وعلى رأسهم أمريكا قد شنت حربا صليبية على الاسلام والمسلمين مهما ادعت غير ذلك .. فلماذا تغض الحكومات الطرف عن تلك الفعلة الكريهة .. وتتوارى خلف مقولاتـهم المغرضة عن الارهاب والارهابيين دون أن يقدموا لنا دليلا واحدا يحمي ماء وجوههم ؟!!.. أفا تخشون أمريكا والغرب ولاتخشون الله ؟!! ألا تستطيعون أن تروا انـهم يفتنونكم عن دينكم ؟!فماذا تنتظرون ؟ ان آيات الله واضحة وجلية في هذا الشأن

"الفتنة أشد من القتل " .. " وقاتلوهم حتى لاتكون فتنة ويكون الدين لله " .. " ومالكم لاتقاتلون في سبيل الله والمستضعفين من الرجال والنساء والولدان " .. لقد استخدموكم دائما كستار لهم لتبرير حروبـهم ضد الاسلام والمسلمين في فلسطين والعراق وغيرهم وأخيرا في أفغانستان .. فلماذا تخشونـهم ولكم في موقعة بدر كثير من العبر والدروس .. لقد كانت المعركة الأولى بين الكثرة المشركة والقلة المؤمنة .. لقد وضعت موقعة بدر الخطوط الفاصلة بين تصورين وتقديرين لأسباب النصر والهزيمة .. لينتصر المؤمنين ابعقيدتـهم القوية وعددهم وعتادهم القليل على الكافرين رغم كثرة عددهم وعتادهم .. فتبين للناس أن النصر للعقيدة القوية الصالحة .. لا للسلاح والعتاد.. فالحق دائما أقوى .. والله مع الحق " والله غالب على أمره ولكن أكثر الناس لايعلمون " .

سيدتي : لقد كنا دائما أقوياء بايماننا وسنظل باذن الله .. وهذا هو ما يرهب أعدائنا من المسلمين والاسلام .. واذا نحن عرفنا ديننا جيدا .. وربطناه بحياتنا اليومية .. ولم نحوله الى مجرد طقوس وشعائر .. اذا نحن فهمنا القرآن جيدا أكثر من اهتمامننا بحفظه وتجويد قرائته فقط دون وعي حقيقي لمعانيه .. سنكون دائما الأقوى .. لن يستذلنا حكاما .. ولن يفتننا عن ديننا أعداء .. ولن يستطيعوا أن يحولوا بيننا وبين نصرة أخواننا المسلمين في أي مكان.

سيدتي : ان حفظ التراث الاسلامي للأمة وفهمه وتعليمه لأولادنا أحد المهام العظمى التي ينبغي عليك القيام بدور الريادة فيها .. علميهم دائما أن العقيدة هي التي تصنع الأوطان .. علميهم أن العقيدة هي التي تحمي الأوطان اذا استمسكوا بـها وأحسنوا فهمها .. علميـهم أن حماية المؤمنين لعقيدتـهم هو صيانة لكرامتـهم ووجودهم الانساني ..

سيدتي : علميهم .. تكونين قد زرعت نبتة صالحة ومهدت الأرض للنماء والازدهار .. تكونين قد صنعت " أجمل أطفال العالم " .